وكالة مهر للأنباء – ديانا المحمود: الحرب السورية استحوذت على اهتمام الاعلاميين في كل أنحاء العالم فرغب العديد منهم في التسلسل إلى غمار المعارك الدائرة على الأرض السورية ونقل صورة عنها من تحت النار، إلا أن الكثير منهم وقف يشاهد ويترقب ويحلل من خلف عدة حواجز منعتهم من الوصول إلى دمشق.
كنت أحبَّ رؤية دمشق ولكن الظروف لم تمنحه سوى 24 ساعة غير قانونيةحامد هاديان صحفي ايراني جذبته أخبار الحرب، وأحبَّ رؤية دمشق ولكن الظروف لم تمنحه سوى 24 ساعة غير قانونية زار فيها مرقد السيدة زينب (ع) وعاد إلى بيروت بلقطات سريعة من الذكريات الغريبة واللطيفة حملها معه عازماً العودة يوماً ما إلى الشام.
دون هاديان تفاصيل رحلته في تقرير خاص نقل من خلاله القارئ الايراني نحو اسئلة جديدة عن سوريا وزاد رغبة المشاهدين في زيارة أرض الحرب الجديدة، وقف الصحفي الايراني في السنة السابعة للحرب على سوريا خلف أبواب عاصمتها حاملاً معه هواجسه وتوجساته وأسئلة عديدة تدور في أذهان العديدين، وما كانت رحلته القصيرة إلى دمشق سوى خطوة أولى في هذا المضمار.
دولاران فقط دفعهما صديق هاديان على البوابة الحدودية ليعبر نحو سوريافي بيروت حاول هاديان التوصل إلى طريق قانوني للوصول إلى الشام لكنه لم يجد سبيلاً لها فالتنسيقات المسبقة ضرورية في هذه الظروف، وعلى عجل لا يمكن أن تعبر نحو الشام في أيام عاشوراء. لكن صديقه اللبناني اقترح عليه مغامرة صغيرة لم تكلفه شيئاً وفقاً لما دونه في تقريره؛ دولاران فقط دفعهما صديق هاديان على البوابة الحدودية ليعبر نحو سوريا، استغرب الصحفي الايراني ما حدث وتبادر إلى ذهنه سؤال بسيط، "ماذا لو كنت داعشياً إرهابياً أو جاسوساً، ماذا يمكن أن تفعل بمليون دولار على هذه الأرض، أو ماذا فعلت حتى الآن..؟"
جذبت الاختلافات الثقافية منذ اللحظة الأولى الزائر الجديد إلى بلاد الشام، فلم يتوقع الشاب الايراني أن يرى مراسم زفاف على الحدود اللبنانية السورية أيام عاشوراء، فالتقويم بين البلدين يختلف باختلاف العقائد وهناك على أرض الشام لايتعمد الناس اقامة الاعراس في تلك الايام لكن الصدفة لا تمنع ذلك، يستغرب هاديان هذا المشهد ويتمعن فيه وتدور الاسئلة في ذهنه وهو القادم الجديد من طهران التي تجمعها ودمشق عرى الصداقة والكفاح والمقاومة والشهادة.
نسأل هاديان عن قصة الدولارين يقول "الأمر غريب لكنني سمعت عن ذلك في لبنان يبدو لي الأمر ثقافة، هناك فساد في سوريا وماحدث دليل على ذلك" متمنياً أن تتطور الأوضاع المقبلة في سوريا نحو الأفضل على هذا الصعيد.
نسأل هاديان عن هواجسه وخوفه وحلمه الغريب الذي دونه في تقريره، يبتسم ويقول أنه مجرد حلم ولم يحدث حتى الآن ما يثبت العكس ربما هناك تخوفات من السياسة والحكام وتقلب الدهر لكني لا أخشى الشعب السوري فهو يبادرنا المحبة، وما حل به حتى الآن هو نتيجة واضحة لموقفه الثابت من المقاومة والدفاع عن القضية الفلسطينية، يستذكر بلطف الناس في دمشق ويروي لنا كيف استوقفه أحد الرجال عندما علم أنه ايراني وأخذ يطالعه على صور أولاده وفي النهاية يخبره أنهم استشهدوا، يحزن ويشعر بالحرب أكثر.
يتابع هاديان قائلاً: من اكثر المواضيع التي تثير اهتمام الصحفي هي الحرب، وعندما بدأت الحرب على سوريا كنت في مرحلة خدمة العلم، وعدت إلى عملي بعدها وعندما سنحت لي الفرصة ذهبت إلى العراق بنفس الطريقة رصدت ما حدث هناك، منوهاً إلى أن الإعلام في ايران لديه نقاط الضعف عديدة من جهة، والحرب في سوريا لها شكل آخر مختلف عن التجربة التي عاشها الشعب الايراني في الحرب العراقية الايرانية، مشيراً إلى أن خلال الحرب الايرانية-العراقية العدو بالنسبة للشعب الايراني كان واضحاً وهو نظام صدام حسين، لكن العدو في سوريا مختلف تماما ولم يكن واضحا المعالم فهناك من يدعي الاسلام، ومن جهة أخرى العنف الذي تعرض له الجميع في سوريا له أبعاد مختلفة عما حدث في الحرب المفروضة في ايران.
وحول سؤال مراسلة وكالة مهر للأنباء عن الاختلافات الثقافية بين ايران وسوريا يقول هاديان الأمر ليس جذرياً فهناك قواسم مشتركة أكثر، مردفاً قبل الحرب السورية كنت أنظر إلى سوريا بإعجاب كيف تتعايش كل هذه الطوائف والفرق جنباً إلى جنب، الأمر كان يعجبني ويثير اهتمامي، اما الحرب غيرت هذا الانطباع.
وأضاف هاديان أن مقاومة العدو الصهيوني تجمع محور المقاومة بمختلف أطيافه وثقافته المتعددة والأمر واضح: هناك عدو يهدد المنطقة ويحتل فلسطين ونحن جميعنا نرغب في إزالته واستعادة الأراضي المحتلة، وما نختلف به اليوم هو فوارق ثقافية يمكن تجاوزها وهي أقل بكثير مما نتوقع.
يستذكر هاديان المؤتمر الدولي الأول للصحوة الإسلامية الذي عقد بطهران عام 2011، قائلاً اجتمعنا من كل أنحاء الدول الاسلامية بعقائد متباينة البعض كان يعتبر بعض الحضور عدواً له لكن في النهاية اصطف الجميع دون استثناء خلف القضية الفلسطينية، الجميع يدركون من هو العدو، مضيفاً رأيه الشخصية بأن هذه الحرب التي تشهدتها المنطقة ستزيل هذه الخلافات ليبقى القاسم المشترك الأهم وهو فلسطين والاستقلال.
وعن رحلته الأخيرة إلى الموصل يقول هاديان سمعت أن حلب تشبه الموصل وأنا أرى أنها تشبه اصفهان ايضاً، الحرب هناك انتهت بالمعنى العام ولكن الدمار يعم المكان، آثار الحرب واقعية أكثر ولكن الشعب تمكن من تحمل الضغوط التي مرت بها دون أن يفقد هويته، يضيف هاديان: لا يمكن فهم شعور الناس بشكل عام الأمر يبدو عادي على بعض الوجوه فيما رأينا أناس سعداء بالتخلص من التنظيم الإرهابي، وينتقد هاديان مرة ثانية الإعلام الايراني لبعده عن ساحات القتال، معتبراً أن التغطية الحربية لازالت ضعيفة وتحتاج إلى دعم أكثر ومهنية أكثر واحترافية.
واختتم حامد هديان حديثه قائلاً: أحب الذهاب إلى سوريا مرة ثانية بالطبع. /انتهى/
تعليقك